responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : زاد المسير في علم التفسير المؤلف : ابن الجوزي    الجزء : 1  صفحة : 109
[سورة البقرة (2) : آية 125]
وَإِذْ جَعَلْنَا الْبَيْتَ مَثابَةً لِلنَّاسِ وَأَمْناً وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقامِ إِبْراهِيمَ مُصَلًّى وَعَهِدْنا إِلى إِبْراهِيمَ وَإِسْماعِيلَ أَنْ طَهِّرا بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْعاكِفِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ (125)
قوله تعالى: وَإِذْ جَعَلْنَا الْبَيْتَ مَثابَةً لِلنَّاسِ، البيت هاهنا: الكعبة، والألف واللام تدخل للمعهود، أو للجنس، فلما علم المخاطبون أنه لم يرد الجنس انصرف إلى المعهود، قال الزجاج:
والمثاب والمثابة واحد، كالمقام والمقامة، قال ابن قتيبة: والمثابة: المعاد، من قولك: ثبت إلى كذا، أي: عدت إليه، وثاب إليه جسمه إذا رجع بعد العلّة، فأراد: أن الناس يعودون إليه مرة بعد مرة. قوله تعالى: وَأَمْناً، قال ابن عباس: يريد أن من أحدث حدثاً في غيره، ثم لجأ إليه فهو آمن، ولكن ينبغي لأهل مكة أن لا يبايعوه، ولا يطعموه، ولا يسقوه، ولا يؤووه، ولا يكلم حتى يخرج، فاذا خرج أقيم عليه الحد [1] . قال القاضي أبو يعلى: وصف البيت بالأمن، والمراد جميع الحرم كما قال:
هَدْياً بالِغَ الْكَعْبَةِ، والمراد: الحرم كله لأنه لا يذبح في الكعبة، ولا في المسجد الحرام، وهذا على طريق الحكم، لا على وجه الخبر فقط.
وفي مَقامِ إِبْراهِيمَ، ثلاثة أقوال: أحدها: أنه الحرم كله، قاله ابن عباس. والثاني: عرفة والمزدلفة والجمار، قاله عطاء. وعن مجاهد كالقولين. وقد روي عن ابن عباس، وعطاء، ومجاهد، قالوا: الحج كله مقام إبراهيم. والثالث: الحجر، قاله سعيد بن جبير، وهو الأصح.
(45) قال عمر بن الخطاب: قلت: يا رسول الله! لو اتخذنا من مقام إبراهيم مصلّى، فنزلت.
وفي سبب وقوف إبراهيم على الحجر قولان: أحدهما: أنه جاء يطلب ابنه إسماعيل، فلم يجده، فقالت له زوجته: انزل، فأبى، فقالت: فدعني أغسل رأسك، فأتته بحجر فوضع رجله عليه، وهو راكب، فغسلت شقه، ثم رفعته وقد غابت رجله فيه، فوضعته تحت الشق الآخر وغسلته، فغابت رجله فيه، فجعله الله من شعاره، ذكره السدي عن ابن مسعود وابن عباس. والثاني: أنه قام على الحجر لبناء البيت، وإسماعيل يناوله الحجارة، قاله سعيد بن جبير.

صحيح. أخرجه البخاري 402 و 4483 و 4790 و 4916 ومسلم 2399 والترمذي 2959 و 2960 والنسائي في «التفسير» 18 وابن ماجة 1009 رووه عن أنس عن عمر قال: «وافقت ربي في ثلاث: قلت يا رسول الله لو اتخذنا مقام إبراهيم مصلّى فنزلت وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقامِ إِبْراهِيمَ مُصَلًّى وآية الحجاب، قلت يا رسول الله لو أمرت نساءك أن يحتجبن فإنّه يكلّمهن البرّ والفاجر، فنزلت آية الحجاب واجتمع نساء النبي صلّى الله عليه وسلّم في الغيرة عليه فقلت لهن: عَسى رَبُّهُ إِنْ طَلَّقَكُنَّ أَنْ يُبْدِلَهُ أَزْواجاً خَيْراً مِنْكُنَّ فنزلت هذه الآية» .

[1] قال القرطبي رحمه الله 2/ 111: قوله تعالى وَأَمْناً استدل به أبو حنيفة وجماعة من فقهاء الأمصار على ترك إقامة الحدّ في الحرم على المحصن والسارق إذا لجأ إليه، وعضدوا ذلك بقوله تعالى: وَمَنْ دَخَلَهُ كانَ آمِناً كأنه قال: أمنوا من دخل البيت. والصحيح إقامة الحدود في الحرم، وأن ذلك من المنسوخ لأن الاتفاق حاصل أنه لا يقتل في البيت ويقتل خارج البيت. وإنما الخلاف هل يقتل في الحرم أم لا؟. والحرم لا يقع عليه اسم البيت حقيقة. وقد أجمعوا أنه لو قتل في الحرم قتل به. وقال أبو حنيفة: لا يقتل فيه ولا يتابع ولا يزال يضيق عليه حتى يموت أو يخرج.
اسم الکتاب : زاد المسير في علم التفسير المؤلف : ابن الجوزي    الجزء : 1  صفحة : 109
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست